الإستغفار

Publié le par Salsabil

الإستغفار

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 
 
فضائل الاستغفار وفوائده
 
 
الاستغفار مطلب إلهي، ومراد رباني، طلبه الله لنفسه، وارتضاه من عباده، واختاره لتكفير ذنوب المقربين، وأحبه ليطهرهم من سيئاتهم ، وأنزله في كتابه ، وأرسل به رسله. وهو مفتاح التوبة، وطريق العودة، وسبيل المغفرة، وبداية الاعتذار، والصلح مع الله رب العالمين.
وهو يطهر البدن من الذنوب، وينظف القلب من الران، ويرد أساريره، ويعيد النور للوجوه العابسة، ويخلص البال من شغله، والفكر من همه . فهو البلسم الشافي، والدواء الكافي، لكل من مزقه القلق، وأضناه الهم، وعذبه الحزن، و هوسبب لعدم تكديس المعاصي على العبد، بل هو أقرب طريق لجلب رحمة الله تعالى.
وهو عمل الأنبياء، ودعوة المرسلين، وشغلهم الشاغل، أكثروا منه بالليل والنهار، مع خلوهم من أسبابه، وبعدهم من دائه، وهو عمل الصالحين، وذكر المقربين، ودأب المؤمنين، وسبيل المتقين، ونجاة السالكين، ومحب الراغبين، وطريق الفالحين، ومقيل عثرات العاثرين، وتفريج لهموم المهمومين، ودواء للعصاة والمذنبين
 
الاستغفار فى القرآن الكريم
 
إن المتأمل والمتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أن المولى سبحانه وتعالى قد بين لنا فضل ومكانة الاستغفار فى مواضع كثيرة من كتابه العزيز ومنها:
 
 أن الله عز وجل أمر عباده بالاستغفار
قال تعالى :{ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }( البقرة : 199) وقال كذلك :{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ }(هود :3).
أمر تعالى بالاستغفار باللسان مع التوبة بالقلب ، إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع
 
 أن الله عز وجل مدح أهله
وقد مدح الله أهله وأثنى عليهم فى مواضع كثيرة ومنها:
قال تعالى: { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}(آل عمران : 17).
ودَلّ هذا على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار (ﺍﻟﺴﺪﺱ ﺍﻷﺧﻴﺮﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ)
وقال أيضا :{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }(الذاريات : 18)
وقال سفيان الثوري رحمه الله : بلغني أنه إذا كان أول الليل نادى مناد ليقوم القانتون، فيقومون كذلك يصلون إلى السحر. فإذا كان عند السحر نادى مناد : أين المستغفرون؟ فيستغفر أولئك ،ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم .فإذا طلع الفجر نادى مناد : ألا ليقم الغافلون. فيقومون من فرشهم كالموتى ، نشروا من قبورهم
 
أن الاستغفار من صفات المتقين
قال تعالى : { سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)} (آل عمران : 136)
 
أن الله عز وجل يغفر لمن استغفر
ومن فضائل الاستغفار أن الله عز وجل يغفر لمن استغفره. قال تعالى:{ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا }(النساء : 110)
 
 الاستغفار يجلب الخيرات والبركات ويدفع البلاء:
يقول الله تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) } (نوح : 14).
أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأدر لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها ، وفي هذا دلالة على عظم فوائد الاستغفار وكثرة خيراته وتعدد ثمراته.
وهذه الثمرات المذكورة هنا هي مما يناله العبد في دنياه من الخيرات العميمة ،والعطايا الكريمة والثمرات المتنوعة، وأما ما يناله المستغفرون يوم القيامة من الثواب الجزيل والأجر العظيم والرحمة والمغفرة والعتق من النار والسلامة من العذاب، فأمر لا يحصيه إلا الله تعالى
 
الاستغفار من موجبات رحمته سبحانه وتعالى
ومن فضائل الاستغفار أنه من موجبات رحمته تعالى، قال جل وعلا:{ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(النمل: 46)
 
الاستغفار من مبعدات العذاب
قال جل جلاله :{وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}(الأنفال: 33).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان فيهم أمانان النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار(تفسير ابن كثير : جـ2صـ372)
 
 الاستغفار يجلب القوة والخير
ومن فضائل الاستغفار أنه من الوسائل الجالبة للخير العميم، والمتاع الحسن ، خاصة عند اقترانه بالتوبة، يقول اللّه تبارك وتعالى: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}(هود:4).
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله :
هذه الآية الكريمة تدل على أن الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى من الذنوب ، سبب لأن يمتع الله من فعل ذلك متاعاً حسناً إلى أجل مسمى؛ لأنه رتب ذلك على الاستغفار .والتوبة ترتيب الجزاء على شرطه.والظاهر أن المراد بالمتاع الحسن: سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا، وأن المراد بالأجل المسمى: الموت
 
 الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين
هو سنة الأنبياء والمرسلين، وطريق ووسيلة الأولياء والصالحين، يلجؤون إليه في كل وقت وحين، في السراء والضراء، به يتضرعون وبه يتقربون.
فكان مما قال نبي الله آدم عليه السلام: { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }(الأعراف: 23).
وقال نوح عليه السلام:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا}(نوح: 28).
قال موسى عليه السلام لما قتل رجلاً من الأقباط: { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(القصص: 16)
 
 
الاستغفار فى السنة النبوية
 
قال صلى الله عليه وسلم
« إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي ، فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ »(مسلم). الغين والغيم بمعنى واحد.
وقال كذلك: « والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة »(البخاري).
وقال أيضا :
« طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيْفَتِهِ اسْتِغْفَاراً كَثِيراً.»(صحيح الجامع).
وقال كذلك: " من أحب أن تسره صحيفته ، فليكثر فيها من الاستغفار ."(صحيح الترغيب).
وقال كذلك : " قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة "(صحيح الجامع).
و قال كذلك: « أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لى ذنبى. فقال تبارك وتعالى أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال أى رب اغفر لى ذنبى ، فقال تبارك وتعالى: عبدى أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب فقال أى رب اغفر لى ذنبى. فقال تبارك وتعالى أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب واعمل ما شئت فقد غفرت لك »(مسلم)
 
من آثار السلف فى الاستغفار
 
قال قتادة رحمه الله : "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم ، فأما داؤكم : فالذنوب ، وأما دواؤكم : فالاستغفار ".
وعن الحسن البصري قال: " أكثروا من الاستغفار في بيوتكم ، وعلى موائدكم ، وفي طرقكم ، وفي أسواقكم ، وفي مجالسكم ، أينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة. "
وعن أبي المنهال قال : " ما جاور عبد في قبره من جار خير من استغفار كثير. "
 
 

 

فوائد الاستغفار
 

 يجلب الغيث المدرار للمستغفرين ويجعل لهم جنّات وأنهارا.
 الاستغفار يكون سببا في الإنعام بالرّزق من الأموال والبنين.
 تسهيل الطّاعات، وكثرة الدّعاء، وتيسير الرّزق.
 زوال الوحشة الّتي بين الإنسان وبين اللّه.
 المستغفر تصغر الدّنيا في قلبه.
 يبتعد شياطين الإنس والجنّ عنه.
 يجد حلاوة الإيمان والطّاعة.
 حصول محبّة اللّه له.
 الزّيادة في العقل والإيمان.
 تيسير الرّزق وذهاب الهمّ والغمّ والحزن.
 إقبال اللّه على المستغفر وفرحه بتوبته.
 وإذا مات تلقّته الملائكة بالبشرى من ربّه.
 إذا كان النّاس في الحرّ والعرق ، يكون في ظلّ العرش.
 يكون من أهل اليمين مع أولياء اللّه المتّقين.
 تحقيق طهارة الفرد والمجتمع من الأفعال السّيّئة.
دعاء حملة عرش ربّنا الكريم له
 
 
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

لأني أحبك في الله ومشتاق للقائك في الجنة إن شاء الله، أعددت هذه المطوية المتواضعة وأرجو الله أن ينتفع بها كاتبها وقارئها وناشرها آمين.
واعمل على طبع هذه المطوية وتوزيعها، عسى أن تكون سببا فى تبليغ ولو آية عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتكون لك أفضل من حمر النعم.
 
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article