دعوة المظلوم

Publié le par Salsabil

دعوة المظلوم

قال صلى الله عليه وسلم : (اتقوا دعوه المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب)

 

هذا الحديث الشريف هو إشارة لقضية مهمة يقع بها كل مسلم بقصد وبدون قصد ، قضية لها من الآثار ما يصعب علينا حصره ، قضية الظلم ، فقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من الظلم و حرمه علينا ، و أنزل في كتابه الكريم و في سنة رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم حرمة هذا الفعل و بشاعته ، و جعل دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، و هذا إن دل فإنما يدل على بشاعة الظلم و عواقبه الوخيمة على الفرد و المجتمع .

 

إعجاب الظالم بقوته وغفلته عن دعوة المظلوم واستخفافه بها من أعظم أسباب صرعته وأخذ الله له على غرة، كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ: " أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّقِ اللهَ فِيمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ، وَلَا تَأْمَنْ مِنْ مَكْرِهِ فِي تَأْخِيرِ عُقُوبَتِهِ، فَإِنَّمَا يُعَجِّلُ الْعُقُوبَةَ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ ". وحين حلت النكبة بالبرامكة على يد هارون الرشيد، وزج بهم في السجون والقيود بعد أن كانوا وزراءه، قال ابن ليحيى بن خالد البرمكي: يَا أَبَتِ! بَعْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالنِّعْمَةِ صِرْنَا إِلَى هَذَا الْحَالِ! فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! دَعْوَةُ مَظْلُومٍ سَرَتْ بِلَيْلٍ وَنَحْنُ عَنْهَا غَافِلُونَ وَلَمْ يَغْفُلِ اللَّهُ عَنْهَا. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ

:

رُبَّ قَوْمٍ قَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَةٍ  ** زَمَنًا وَالدَّهْرُ رَيَّانُ غَدَقْ

سَكَتَ الدَّهْرُ زَمَانًا عَنْهُمُ  ** ثُمَّ أَبْكَاهُمْ دَمًا حِينَ نَطَقْ

.

من عواقب الظلم التي يقع فيه المسلم :

1 - الظلم ظلمات يوم القيامة :

فلكل ظالم وإن أجل الله عقابه في الحياة الدنيا جزاء يوم الحساب ، يأتي به و يأتي بالمظلوم و يُقتص منه شر القصاص ، و جزاءه نار جهنم حيث لا ينفعه مالٌ ولا بنون ، فلا يتهاون الإنسان في ظلمه وإن كان يشعر بأن ظلمه لا يقهر ويبطش بشكل كبير ، لأن الظلم وإن كان بشيء بسيط هو عند الله ظلمٌ كبير للنفس و للغير .

2 - سبب هلاك الأمم :

 إن الظلم بشتى أنواعه يعمل على هلاك الأمم لا محال ، فيصبح الكل مشغول بأمر الظالم والمظلوم  الظالم يتمادى ويتكبر ، أما المظلوم فيصبح مغلوبُ على أمره همه الشاغل هو الخلاص مما هو فيه من ظلم ، أما نهضة الأمة تبقى معلّقة إلى أن يشاء الله ويحكم في الأمر .

3 - دعوة المظلوم :

تعهد الله سبحانه وتعالى بقبول دعوة المظلوم ، لأن الله عدل لا يرضى على نفسه الظلم ولا يحبه لعباده ، وكثير من الأمم السابقة كان سبب هلاكها دعوة من مظلوم ، كأهل مدين الذين كانوا يشتهرون بتطفيف الكيل ، وبخس الناس أشياءهم وكان نبي الله شعيب عليه السلام يحذرهم من ذلك الظلم للناس في الكيل إلا أنهم تمادوا واستهزؤوا ، فدعا الله ربه ، و استجاب الله لدعائه ، فأرسل عليهم حراً شديداً و أهلكهم شر العذاب في الحياة الدنيا .

4 - حلول المصائب والبلاء الشديد في الدنيا :

 الظالم الطاغي المتكبر إن لم يتب إلى الله و اعترف بذنبه وأقلع عنه ورد الحق إلى أصحابه فإن الله يبتليه في ماله ، و أولاده ، و صحته ، وكل ما ينعم به عليه ، علّه يتعظ و يتوب إلى الله أو يتمادى في ظلمه وعدوانه .

 

رغم كل عواقب الظلم فإن الله سبحانه وتعالى باب توبته مفتوح للجميع ، ولكن على الإنسان أن يلتزم بشروط التوبة النصوحة ليعفو الله عنه ويتقبل توبته


فطوبى لمن سلم من سهام دعاء المظلومين وبرئ من ظلمهم وخصامهم يوم الدين! وذاك ما كان النبي يتعوذ منه في وقت إجابة الدعاء، فقد كان من دعائه أثناء سفره: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا، وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرَ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَمِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article